أما بعد: أيها الإخوة المسلمون، كل نفس لا تحمل إلا حملها، ولا تكسب إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولسوف تأتى كل نفس تجادل عن نفسها. أهلكت كثيرًا من الناس الأماني، إيمان بلا أثر، وقول بلا عمل، ترى فيهم رجالا ولا ترى عقولا، وتسمع حسيسًا ولا ترى أنيسًا، عرفوا ثم أنكروا، وحرموا ثم استحلوا. يقول الحسن البصري رحمه الله: أمؤمنون بيوم الحساب هؤلاء؟!! كلا، كذبوا ومالك يوم الدين. لا يدخل الجنة إلا من يرجوها، ولا يسلم من النار إلا من يخافها، ورود النار متيقَّن: وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [مريم:71] ولكن هل الخروج منها متيقن؟! أين الخوف من هول ذلك المورد؟ ومن ترى بالنجاة والفكاك يحظى ويسعد؟ يقول موسى بن سعد: كنا إذا جلسنا إلى سفيان كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وجزعه. من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل: قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الطور:26-28]. حقـًا وصدقـًا، إن هدى الله ورحمته للذين هم لربهم يرهبون. أيها الإخوة في الله، وهذا حديث ذكرى وتذكير، وإنذار وتخويف عما أخبر به الكتاب وصحت به الأخبار عن رسولنا محمد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]من الوعيد للمكذبين، والخوف على المقصرين، حديث عن النار وأهلها وأهوالها أعاذنا الله منها بمنِّه وكرمه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [التحريم:6]. ألم تعملوا أن التخويف من النار نال الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين؟! اقرأوا في شأن الملائكة : وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّى إِلَـٰهٌ مّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الأنبياء:29]. واقرأوا في حق الأنبياء: وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءاخَرَ فَتُلْقَىٰ فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الإسراء:39]. أيها الناس، اتقوا النار، اتقوا النار ولو بشق تمرة اتقوا النار بكلمة طيبة. أكثروا من ذكرها، واعملوا للنجاة منها: ذٰلِكَ يُخَوّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الزمر:16]. والنار شر دار، وعذابها شر عذاب، حرها شديد وقعرها بعيد، ومقامعها حديد، يهوي الحجر من شفيرها سبعين خريفـًا ما يدرك قعرها. مسالكها ضيقة، ومواردها مهلكة، يوقد فيها السعير، ويعلو فيها الشهيق والزفير، أبوابها مؤصدة، وعمدها ممددة، يرجع إليها غمها، ويزداد فيها حرها، هي غضب الجبار ورجزه، وسخطه ونقمته. جثت الأمم على الركب، وتبين للظالمين سوء المنقلب، انطلق المكذبون إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب، وأحاطت بهم نار ذات لهب، سمعوا الزفير والجرجرة، وعاينوا التغيظ والزمجرة، ونادتهم الزبانية: فَٱدْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبّرِينَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [النحل:29]. الهاوية تجمعهم، والزبانية تقمعهم، في مضايقها يتجلجلون، وفي دركاتها يتحطمون. ترى المجرمين مقرنين في الأصفاد، سرابيلهم من قطران، وتغشى وجوههم النار. الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، وبالنواصي والأقدام يؤخذون، وفي الحميم ثم في النار يسجرون. يصب من فوق رءوسهم الحميم، يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد فوق رءوسهم. تكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم. ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [القمر:48]. طعامهم الزقوم والضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع. شرابهم الحميم والغساق والماء الصديد، يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، ويملأ البطون: يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [إبراهيم:17]. وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [فاطر:38]. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَـٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [النساء:56]. يتمنون الموت والهلاك، ولكن أين المفر؟ ومتى الفكاك؟ ثم يعلو شهيقهم، ويزداد زفيرهم، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، فيعظم يأسهم، ويرجعون إلى أنفسهم: سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [إبراهيم:21]. نعوذ بالله ربنا من غضبه وأليم عقابه وعذابه. أيها الإخوة، هذه أخبار صدق عن جهنم ولظى، وأنباء حق عن السعير والحُطمة، والله لتملأن والله لتملأن: وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنْى لاَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [السجدة:13]. عباد الله، النار موعود بها مدمن الخمر وقاطع الرحم والمصدق بالسحر والمنان والنمام، وما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، موعود بها الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، ومن أشد الناس عذابًا طائفتان: المصورون الذين يضاهئون خلق الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، والذين يعذبون الناس في الدنيا. يا ترى ما حال المرائين من القراء والعلماء والمجاهدين؟! يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، يقولون ما لا يفعلون إذا وعظوا عنفوا وإذا وعظوا أنِفُوا. أيها الأحبة، رحمني الله وإياكم ووقانا عذاب السموم: هذه ألوان من أهوال النار، وصنوف من أهلها؛ فاتقوا الله واتقوا النار، اتقوا النار بالبكاء من خشية الله؛ فلن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، وعينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله. ومن صام يومًا زحزحه الله عن النار سبعين خريفـًا . تعوذوا بالله من النار؛ فهذا دأب الصالحين الذاكرين. ملائكة الله السياحون يمرون بمجالس الذكر ثم يسألهم ربهم عن أحوال الذاكرين فيقول لهم وهو أعلم بهم: مِمَّ يتعوذون؟ فيقولون: من النار. فيقول: وهل رأوها ؟ قالوا: لا. والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد منها مخافة؟ قال فيقول: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وجاء في خبر آخر: ((ما سأل رجل مسلم الجنة ثلاثـًا، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة. ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثـًا، إلا قالت النار: اللهم أجره مني))[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار. رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [آل عمران:16]. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب اللباس – باب ما وطئ من التصاوير، حديث (5954)، ومسلم: كتاب اللباس والزينة – باب تحريم تصوير صورة الحيوان... حديث (2107). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الأحكام – باب من استُرعي رعية فلم ينصح، حديث (7150، 7151)، ومسلم: كتاب الإيمان – باب استحقاق الوالي الغاش... حديث (142) عن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعيّة، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرّم الله عليه الجنة))، واللفظ لمسلم. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب المساقاة – باب إثم من منع ابن السبيل من الماء، حديث (2358)، ومسلم: كتاب الإيمان – باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار... حديث (108) واللفظ له. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه مسلم: كتاب الإيمان – باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، حديث (137) وانظر البخاري: كتاب المساقاة – باب إثم من منع ابن السبيل من الماء، حديث (2358). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الأشربة – باب آنية الفضة، حديث (5634)، ومسلم: كتاب اللباس والزينة – باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب، حديث (2065). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه أحمد (3/321)، والترمذي: كتاب الجمعة – باب ما ذُكر في فضل الصلاة، حديث (614)، والدرامي: كتاب الرقاق – باب في أكل السحت، حديث (2776) بنحوه. وصححه ابن حبان (1723)، والحاكم (4/422). وقال المنذري: رواتهما محتج بهم في الصحيح. الترغيب (3/134)، وقال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح (5/247). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه الطبراني في الكبير (10234) وابن عدي في الكامل (2/161) في ترجمة: جراح بن ميليح، والحاكم (4/607)، والبيهقي في الشعب (5268)، وصححه ابن حبان (567) وجوّد المنذري إسناده. الترغيب (2/359). وقال الحافظ في الفتح (4/256): إسناده لا بأس به. ثم قوّاه. وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة (1057). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الدعوات – باب فضل ذكر الله عز وجل، حديث (6408)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار – باب فضل مجالس الذكر، حديث (2689). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صحيح، أخرجه أحمد (3/117)، والترمذي: كتاب صفة الجنة – باب ما جاء في صفة أنهار الجنة، حديث (2572)، والنسائي: كتاب الاستعاذة – باب الاستعاذة من حر النار، حديث (5521)، وابن ماجه: كتاب الزهد – باب صفة الجنة، حديث (4340). وصححه ابن حبان (1014) والحاكم (1/534-535) وذكره الضياء في الأحاديث المختارة (4/388-390). وقال المنذري: رواه أبو يعلى بإسناد على شرط البخاري ومسلم. الترغيب (4/243)، وصححه الألباني، صحيح سنن الترمذي (2079) وصحيح الترغيب (3653، 3654). |