منتدى الميدان
الـسلام علـيـكـم ورحـمة الله وبـركاته 



لو علمت الدار بمن زارها فرحت 

واستبشرت ثم باست موضع القدمين 

وأنشدت بلسان الحال قائلةً 

اهلا وسهلاً بأهل الجود والكرم 



أهــــــــــــــــــلا ً وسهــــــــــــــــلا 

منتدى الميدان
الـسلام علـيـكـم ورحـمة الله وبـركاته 



لو علمت الدار بمن زارها فرحت 

واستبشرت ثم باست موضع القدمين 

وأنشدت بلسان الحال قائلةً 

اهلا وسهلاً بأهل الجود والكرم 



أهــــــــــــــــــلا ً وسهــــــــــــــــلا 

منتدى الميدان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الميدان

منتدى الميدان
 
الصفحة الرئيسيةالرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
شاهد على الميدان سبورت Elmidan Spoort
Elmidan sport
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 9 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 9 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 93 بتاريخ الأحد ديسمبر 09, 2012 1:34 pm
المواضيع الأكثر نشاطاً
يوم مع حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم
اجعل اول مساهمة لك بالصلاة على الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم
فرسان العشر من ذو الحجة
تعليق مباراة الزمالك الشوط الاول بث مباشر
أهمية الفهرسة الوصفية واتباع قواعدها في فهرسة أوعية المعلومات بالمكتبات.
تسعة أسباب لكظم الغيظ!
المكتبة المدرسية
معركة اليرموك
أربعون نصيحة لإصلاح البيوت
آيات بينات
تصويت
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 88 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو محمدين فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 1312 مساهمة في هذا المنتدى في 1166 موضوع
أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالجمعة فبراير 05, 2016 11:37 am من طرف العربى2010
[size=30]أبو أيوب الأنصاري[/size]

رضي الله عنه


أبو أيوب الأنصاري -خالد بن زيد بن كليب- حفيد مالك بن النجار ، خرج مع وفد المدينة
لمبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة ( بيعة العقبة الثانية ) فكان من السبعين
مؤمنا الذين شدوا أيمانهم …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
أسعد بن زرارة الأنصاري
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالجمعة فبراير 05, 2016 11:33 am من طرف العربى2010
[size=48]أسعد بن زرارة الأنصاري[/size]

أول الأنصار إسلاماً




يا أيها الناس ، هل تدرون على ما تُبايعون "
محمداً إنكم تبايعونه على أن تحاربوا العرب
" والعجم والجنّ والإنس مُجِلِبَةً
أسعد بن زرارة

أسعد بن زرارة الأنصاري ، وكنيته أبو …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
زيد بن حارثة
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالإثنين يونيو 22, 2015 4:39 pm من طرف elmoder22
زيد بن حارثة

أبوه الصحابي الجليل: حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافِ بن قضاعة.

أمه: …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
يومك في رمضان يوم من أيام أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالخميس يونيو 18, 2015 5:56 pm من طرف elmoder22
يومك في رمضان يوم من أيام أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذا يوم من أيام أبي بكر -رضي الله عنه- الذي قال عنه -صلى الله عليه وسلم-: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ …

[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
احوال الصحابة فى رمضان
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالخميس يونيو 18, 2015 5:53 pm من طرف elmoder22

كان الصحابة يدركون أن من أهم أهداف المسلم في رمضان..تكفير الذنوب، ولهذا كانوا يستقبلونه بهذا المعنى، كما ورد عن عمر أنه كان يقول: مرحباً بمطهِّرنا من الذنوب


وكانوا يكثرون من الدعاء بالمغفرة، فقد كان عبد الله بن عمر - …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
سيرة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالأحد يناير 25, 2015 12:03 pm من طرف elmoder22
سيرة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه




بسم الله الرحمن الرحيم


أبوهريرة هو عبد الرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم ابن دوس اليماني ، فهو دوسي نسبة إلى دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران ابن كعب بن الحارث بن …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الصحابى حذيفة بن اليمان
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 21, 2014 8:29 pm من طرف أخصائى مكتبات
بطاقة تعريف




الاسم الكامل حذيفة بن اليمان بن جابر

لقب          أبو عبد الله

تاريخ الميلاد

مكان الميلاد مكة

تاريخ الوفاة 36 هـ / 656م

مكان الوفاة المدائن

أهلأبوه:         اليمان حسل أو حسيل بن جابر

أمه:            الرباب بنت كعب …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الوليد بن الوليد بن المغيرة
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 22, 2014 2:17 am من طرف mona19
الوليد بن الوليد بن المغيرة القرشيّ المخزوميّ ، أخو خالد بن الوليد
كان حضر بدراً مع المشركين فأسر ، فافتداه أخواه هشام وخالد ، فلما
افتُديَ أسلم وعاتبوه في ذلك فقال  أجبت )فقال كرهت أن يظنوا
بي أني جزعتُ من الأسر )


الأسر


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالجمعة يوليو 04, 2014 1:31 pm من طرف elmoder22
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي الأموي أبو عبد الرحمن اسلم هو وأبوه يوم فتح مكة وشهد حنينا وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه وكان أحد الكتاب لرسول …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0

 

 وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 381
تاريخ التسجيل : 02/05/2012
العمر : 33

الورقة الشخصية
ورقة شخصية:
ورقة شخصيةوَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Empty
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Empty

وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Empty
مُساهمةموضوع: وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ   وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ Icon_minitimeالخميس مايو 24, 2012 3:54 pm









[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]







قال الله تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم * قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم ﴾ (يس:77ـ 79)


أولاً- هذه الآيات الكريمة، جاءت في خاتمة سورة ( يس )، وفيها ذكر شُبْهَةِ مُنكري البعث والنشور، والجواب عنها بأتمِّ جواب وأحسنه وأوضحه، في صورة حوار، والغرض منها تثبيت أمر البعث عند منكريه، ومعارضيه بعقولهم. وقد استُهِلت بقوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾(يس:71)

وهو كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان إنكار الكافرين البعث، بعدما شاهدوا في أنفسهم أوضح دلائله، وأعدل شواهده؛ كما أن ما سبق من قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ﴾(يس:71)

كلام مستأنف مَسوقٌ لبيان بطلان إشراكهم بالله تعالى بعدما عاينوا فيما بأيديهم ما يوجب التوحيد والإسلام. والغرض من الاستفهام في كل منهما إنكار ما هم عليه من الشرك، والتكذيب بالبعث، وتنبيههم إلى ما كانوا قد شاهدوه بأعينهم في الآفاق من خلق الأنعام وتذليلها لهم، وما كانوا قد عاينوه في أنفسهم من خلقه تعالى لذواتهم، وتذكيرهم به.

وقيل: الجملة الثانية هي عين الأولى، أعيدت تأكيدًا للنكير السابق، وتمهيدًا لإنكار ما هو أحق منه بالإنكار، لما أن المنكَر هناك عدم علمهم بما يتعلق بخلق أسباب معايشهم. وههنا عدم علمهم بما يتعلق بخلق أنفسهم. ولا ريب في أن علم الإنسان بأحوال نفسه أهم، وإحاطته بها أسهل وأكمل، فإنكار الإخلال بذلك أدخل؛ كأنه قيل: أولم يروا خلقه تعالى لأسباب معايشهم، مع كونه آيةمشهودة منظورة بين أيديهم على وحدانيته تعالى، وعبادته وحده ؟ثم قيل: أولم يروا خلقه تعالى لأنفسهم أيضًا، مع كونه آية مشهودة منظورة في واقعهم، وخاصة نفوسهم، وهي في غاية الظهور ونهاية الأهمية على معنى: أن المنكر الأول بعيد قبيح، والثاني أبعد وأقبح؛ فإن الإنسان قد يغفل عن الأنعام وخلقها عند غيبتها، ولكن لا يغفل هو مع نفسه، متى ما يكون، وأينما يكون.

فما بال هذا الجاحد يغفل عن خلقه من نطفة مهينة، ولم يك من قبل شيئًا؟! وما باله لا يتذكر ذلك، ولا ينتبه إلى وجه دلالته, ولا يتخذ منه مصداقًا لوعد الله تعالى ببعثه ونشوره بعد موته ودثوره؟! وهل خلقه من نطفة ميتة إلا إحياء بعد موت وعدم حياة؟! أليس في ذلك من الدليل على البعث والنشور ما يكفي لأن يتذكر، ويترك خصومته؟! ولكن أنَّى له الذكرى، وقد لجَّ في الخصام والجدل الباطل!

ومذهب سيبويه، وجمهور النحويين أن الاستفهام في قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾

للتقرير، وأن الواو لعطف ما بعدها على ما قبلها؛ وإنما جيء بها بعد الهمزة، وكان القياس تقديمها عليها هكذا:

﴿ وَأَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾

كما قدِّمت على﴿ هَلْ ﴾في قوله تعالى:

﴿ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴾(طه:9)

لأنه لا يجوز أن يؤخر العاطف عن شيء من أدوات الاستفهام؛ لأنها جزء من جملة الاستفهام، والعاطف لا يقدم عليه جزء من المعطوف. وإنما خولف هذا في الهمزة دون غيرها؛ لأنها أصل أدوات الاستفهام، فأرادوا تقديمها تنبيهًا على أنها الأصل في الاستفهام.

وعلى ذلك يكون قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾(يس:77)

معطوفًا على قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ﴾(يس:71)

على أن الواو متقدمة على الهمزة في الاعتبار، وأن تقدُّم الهمزة عليها، لاقتضائها الصدارة في الكلام.

والزمخشري اضطرب كلامه في ذلك، فتارة جعل الهمزة متقدمة على الواو؛ كما هو مذهب الجمهور، وتارة جعلها داخلة على جملة محذوفة، عُطِف عليها الجملة، التي بعدها، فقدَّر بينهما فعلاً محذوفًا،يقتضيه المقام، مستتبعًا للمعطوف، تعطف الواو عليه ما بعدها.

وعليه يكون تقدير الكلام في الجملة الأولى:{ أغفلوا، ولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا... }؟ وفي الجملة الثانية:{ أغفل الإنسان، ولم ير أنا خلقناه من نطفة...}؟

والتحقيق في هذه المسألة الخلافيَّة: أن الواو في قولنا:﴿ أَوَلَمْ ﴾ مسلوبة الدلالة على العطف، وأصل الكلام:﴿ أَلَمْ ﴾، وهو تركيب يفيد معنى الإثبات، ويجرى في لسان العرب مجرى التنبيه والتذكير؛ كقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:

﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾(الشرح:1)

قال مكي في(مشكل إعراب القرآن):”الألف نقلت الكلام من النفي، فردته إيجابًا “. والإيجاب: إثبات، وهو ضدُّ النفي. والغرض منه: التذكير، والمعنى: شرحنا لك صدرك. وهذا ما نصَّ عليه الزمخشري، فقال:”استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار، فأفاد إثبات الشرح وإيجابه؛ فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك، فنبَّه على ذلك، وذكَّر به “.

ولا يجوز حمل هذا الاستفهام على استفهام التقرير؛ لأن التقرير- باتفاقهم جميعًا- هو حمل المخاطب على أمر قد استقر عنده، وعلم به، ثم جحده. وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون جاحدًا لشرح الله تعالى صدره؛ وإنما مراد الله تعالى من هذا الاستفهام هو مجرد التنبيه والتذكير.

ونحو ذلك قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾(الحج:63)

سأل سيبويه أستاذه الخليل عن هذه الآية، فقال:”هذا واجب، وهو تنبيه؛ كأنك قلت: أتسمع؟“. وفي النسخة الشرقية من كتاب سيبَوَيْهِ:”انتبهْ! أنزل الله من السماء ماء، فكان كذا وكذا “.

فهذا استفهام يراد به الإثبات، والغرض منه التنبيه، أو التذكير، خلافًا لمن ذهب إلى أن الغرض منه التقرير. وبيان ذلك:

أنك إذا قلت: أليس زيد قائمًا ؟ فإن ذلك يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون الاستفهام على أصله من طلب الفهم. فيجاب بـ{ نعم } في الإيجاب، وبـ{ لا } في النفي.

والثاني: أن يكون مرادًا به الإثبات؛ لأن الهمزة للنفي، ونفي النفي إثبات؛ وحينئذ يكون الغرض منه: التنبيه، والتذكير، أو الإنكار، ويجاب بـ{ بلى } في الإيجاب، وبـ{ نعم } في النفي.. وقد يكون الغرض منه أيضًا: العتاب، أو التحذير، أو السخرية والتهكم، أو التوقُّع والانتظار.. أو نحو ذلك من المعاني، التي يخرج إليها الاستفهام. وعلى هذا الوجه يحمل قوله تعالى:

﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾(الشرح:1)

﴿ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾(هود:78)

فالغرض من الأول: التنبيه، والتذكير. والغرض من الثاني: الإنكار. ولو كان المتكلم- هنا- غير الله تعالى، لاحتمل الاستفهام في كل منهما أن يكون حقيقيًّا، الغرض منه: طلب الفهم.

فإذا قلت: أليس زيد بقائم، كان المراد به الإثبات، والغرض منه: التقرير، لا غير، بدليل دخول الباء على خبر المنفي. ويجاب بما أجيب به الوجه الثاني من الاستفهام الأول، إيجابًا، ونفيًا. وعلى ذلك يحمل قوله تعالى:

﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾(التين:Cool

﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾(العلق:14)

فالغرض من هذا الاستفهام في هاتين الآيتين، وأمثالهما لا يكون إلا تقريرًا، بقرينة وجود الباء في كل منهما.

ثم تدخل { الواو } بين الهمزة، و{ لم }، فتشير إشارة خفيَّة إلى حدوث فعل مغاير لما بعدها، ما كان ينبغي أن يحدث؛ كقوله تعالى:

﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾(الإسراء:99)

فهذا استفهام يراد به الإثبات، ويفيد أن ما بعده قد وقع فعلاً، والغرض منه التنبيه، والتذكير؛ لأن المخاطبين به على علم بأن الله تعالى هو الخالق لذواتهم، ولكل شيء في هذا الوجود؛ ولكنهم نسوه وغفلوا عن ذلك، أو تناسوه عنادًا، ومكابرةً، فأنكروا قدرة الله تعالى على بعثهم ونشورهم بعد موتهم ودثورهم. ولو أنهم تنبهوا، وتذكروا، أو لم يكابروا، لما وقع منهم ذلك الإنكار.

أما قوله تعالى:

﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾(يس:80)

فقد ورد في معرض التقرير لقدرة الله تعالى على الإعادة، ردًّا على اعتراض المشركين والملحدين، الذي تعدَّى الإنكار إلى الجحود؛ ولهذا أدخلت الباء في خبر المنفي. ومثل ذلك قوله تعالى:

﴿ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾(القيامة:40)

وعلى الآية الأولى من هذه الآيات الثلاثة يحمل قوله تعالى هنا:

﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾

أي: قد رأى الإنسان أنا خلقناه من نطفة؛ لكنه غفل عن مبدأ خلقه، فأنكر إحياء العظام الرميمة، فذكَّره تعالى بمبدأ خلقه؛ ليدله به على النشأة الثانية. وهذا المعنى الثاني- أعني: إنكار إحياء العظام الرميمة- هو الذي أشارت إليه الواو، التي أدخلت بين الهمزة، وأداة النفي، وهو معنى مغاير لما رأوه من خلق الله تعالى لأنفسهم. ولو كانت هذه الواو للعطف، لما دلت الآية على هذا المعنى.

وفرق كبير بين أن يقال في معنى الآية: أغفل الإنسان، ولم يرَ، وبين أن يقال: قد رأى؛ ولكنه غفل، أو نسي، أو تناسى.

وكوْنُ هذا الاستفهام في معنى الإثبات يقتضي- كما ذكرنا- أن ما بعده قد وقع، وعلم به الناس، إما عن طريق المشاهدة؛ كما في قوله تعالى:

﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾.

أو عن طريق السماع؛ كما في قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بٍأًصْحَابِ الْفِيلِ ﴾(الفيل:1)

قيل في تفسيره: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. وهو، وإن لم يشهد تلك الوقعة، لكن شاهد آثارها، وسمع بالتواتر أخبارها؛ فكأنه رآها.

ولقائل أن يقول: قال الله تعالى:

﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِىء الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾(العنكبوت:19)

فعلق الرؤية بكيفية الخلق، لا بالخلق، والكيفية غير معلومة، فكيف جاز أن يقال:﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا ﴾؟ فالجواب عن ذلك: أن هذا القدر من الكيفية معلوم، وهو أن الله تعالى خلق الإنسان، ولم يكن شيئًا مذكورًا، وأنه خلقه من نطفة، هي من غذاء، هو من ماء وتراب، وهذا القَدْرُ كافٍ في حصول العلم بإمكان الإعادة؛ فإن الإعادة مثله.

وقال تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَ ﴾، ولم يقل:﴿أَوَلَمْ يَنْظُر ﴾؛ لأن حقيقة النظر هي تقليب البصر حيال مكان المرئي طلبًا لرؤيته، ولا يكون ذلك إلا مع فقد العلم. والشاهد قولهم: نظر، فلم يَرَ شيئًا. ويقال: نظر إلى كذا، إذا مدَّ طرفه إليه رآه، أو لم يرَه. أما الرؤية فهي إدراك الشيء من الجهة المقابلة. وإدراك الشيء هو الإحاطة به من كل الجوانب، ووكلاهما لا يكون إلا مع وجود العلم.

بقي أن تعلم أن الفرق بين الرؤية والعلم هو أن الرؤية لا تكون إلا لموجود، والعلم يتناول الموجود والمعدوم. وكل رؤية لم يعرض معها آفة فالمرئي بها معلوم ضرورة، وكل رؤية فهي لمحدود، أو قائم في محدود؛ كما أن كل إحساس من طريق اللمس، فإنه يقتضي أن يكون لمحدود، أو قائم في محدود.

فإذا عرفت ذلك، تبين لك سِرَّ التعبير بالرؤية في قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾؟

دون التعبير بالنظر؛ كأن يقال:﴿ أَوَلَمْ يَنْظُر الْإِنسَانُ ﴾؟ أو التعبير بالعلم؛ كأن يقال:﴿ أَوَلَمْ يَعْلَم ﴾؟

والمراد بـ﴿الْإِنسَان ﴾- هنا- عموم امل الكافر المنكر للبعث، وإن كانت الآيات نزلت في كافر مخصوص، هو أبيُّ بن خلَف الجُمَحِيّ- في أصح الأقوال- وهو الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحربة يوم أحد. قال المفسرون:إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل، فقال: يا محمد! أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمَّ ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، ويبعثك، ويدخلك جهنم، فأنزل الله عزَّ وجل هذه الآية إلى آخر السورة.

وقد ثبت في أصول الفقه أن الاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب؛ ولهذا كان حمله على العموم أولى من حمله على إنسان مخصوص؛ ألا ترى أن قوله تعالى:

﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾(المجادلة:1)

قد نزل في واحدة، والمراد به الكل في الحكم؟ فكذلك كل إنسان منكر البعث، فهذه الآية رَدٌّ عليه.وعلى ذلك يكون خطاب﴿الْإِنسَان ﴾في الآية من حيث هو إنسان، لا إنسان معين، ويدخل من كان سببًا في النزول تحت امل الإنسان الكافر دخولاً أوليًّا.

وقوله تعالى:﴿ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾ إشارة إلى وجه الدلالة على البعث والنشور، وتنبيه على كمال القدرة والاختيار؛ لأن النطفة جسم متشابه الأجزاء، ويخلق الله تعالى منه أعضاء مختلفة، وطباعًا متباينة، وخَلْقُ الذكر والأنثى منها أعجب ما يكون؛ ولهذا لم يقدِر أحد على أن يدَّعيه، كما لم يقدِر أحد على أن يدَّعي خَلْقَ السموات والأرض؛ ولهذا قال تعالى:

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ﴾(الزخرف:87)؛ كما قال:

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾(الزمر:38)

والنطفة هي القليل من الماء الصافي، ويعبَّر بها عن ماء الرجل، الذى يخرج منه إلى رحم المرأة، وتجمَع على: نُطَف، ونِطاف. وقيل: سمِّي ماء الرجل نطفة؛ لأنه ينطِف. أي يقطر قطرة بعد قطرة، من قولهم: نطِفت القربة، إذا تقاطر ماؤها بقلَّة. وفي الحديث:” جاء ورأسه ينطِف ماء“. أي: يقطر. ونقطة واحدة من مني الرجل تحوي ألوف الخلايا، وخلية واحدة من هذه الألوف هي التي تصير بقدرة الله الخالقة جنينًا، ثم تُصَيِّر هذا الجنين إنسانًا، فإذا هو خصيم مبين.

فهذه القدرة الخالقة، التي تجعل من هذه النطفة المهينة، التي لا قوام لها، ولا قيمة ذلك الخصيم المبين، هي التي يستعظم عليها أن تعيده بعد البلى والدثور. ولا شك أن النطفة شيء حقير مهين، والغرض منه أن من كان أصله من مثل هذا الشيء الحقير، لا يليق به أن يتجبَّر، وأن يخاصم في أمر يشهد بصحته مبدأ خلقه من تلك النطفة الحقيرة المهينة، وإليه الإشارة بقوله تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ *إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ *يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ *فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴾(الطارق:5-10)

وأما﴿ خَصِيمٌ ﴾ فهو فََعيلٌ، وهو مبالغة في معنى: مُفاعِل، من قولك: خاصَم يخاصِم، فهو مُخاصِمٌ. أي: كثير الخصومة. قال أهل اللغة: خصيمك، الذي يخاصمك. وفَعيلٌ بمعنى: مُفاعِل معروف؛ كالنَّسيب بمعنى: المُناسِب، والعَشير بمعنى: المُعاشِر. ويجوز أن يكون مبالغة في معنى: فَاعل، من خصِم يخصِم، بمعنى: اختصم، ومنه قراءة حمزة:

﴿ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ ﴾(يس:49)

و﴿ مُبِينٌ ﴾صفة فاعل، وهو من قولك: أبان الشيءَ يُبينه، فهو مبين. أي: أظهره يظهره، فهو مظهِر. وقيل: هو هنا كناية عن القدرة على المخاصمة؛ كما أن قوله تعالى:

﴿ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾(الزخرف:18)

كناية عن عَجْز الأنثى عن المخاصمة، وعدم قدرتها على الانتصار لنفسها.

وقيل: قوله تعالى﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾ يحتمل وجهين من المعنى: أحدهما: أن الله تعالى خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم لربه يكفر به، ويجادل رسله ويكذب بآياته، وكان حقُّه والواجب عليه أن يطيع وينقاد لأمر الله. والمقصود منه: وصف الإنسان بالإفراط في الوقاحة والجهل، والتمادي في كفران النعمة.

والثاني: أن الله تعالى خلق الإنسان من نطفة قذرة، ثم لم يزل ينقله من طور، إلى طور؛ حتى صيَّره عاقلاً متكلمًا، ذا ذهن ورأي، يخاصم ويجادل. والمقصود منه: أن الانتقال من تلك الحالة الخسيسة إلى هذه الحالة العالية الشريفة لا يحصل إلا بتدبير مدبر حكيم عليم.

فعلى الأول يكون سياق هذين الوصفين:﴿ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾ سياق ذَمٍّ. وعلى الثاني يكون سياقهما سياق مدح. واختار الرازي هذا القول الثاني على أنه الوَجْهُ الأوْفَقُ؛ لأن هذه الآيات- كما قال- مذكورة لتقرير وجه الاستدلال على وجود الصانع الحكيم، لا لتقرير وقاحة الناس، وتماديهم في الكفر والكفران.

والظاهر – كما قال أبو حيَّان- أن سياق الوصفين سياق ذمًّ؛ وذلك لوجهين:

أحدهما: مَا تقدَّم من قوله تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾. وأكثر ما ذكر لفظ ﴿ الْإِنسَانُ ﴾ في القرآن في معرض الذم، أو مُرْدَفاً بالذم؛ كقوله تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾(الطارق:5).

﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾(إبراهيم:34).

وقد تلا الرسول صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى:﴿ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ﴾(الكهف:54)، حين عاتب عليًًّا- كرَّم الله وجهه- على النوم عن صلاة الليل، فقال له عليٌّ:” إنما نفسي بيد الله “، فاستعمل﴿ الْإِنسَانُ ﴾على العموم.

والوجه الثاني: ما عُرِفَ عنهم من مخاصمَتهم ومجادلتهم لأنبياء الله تعالى، وأوليائه بالحجج الداحضة على حدِّ زعمهم، وإليه الإشارة بقوله تعالى:

﴿ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾(الزخرف:58)

وما ينبغي الإشارة إليه هنا: أن المفاجأة بكون الإنسان خصيمًا مبينًا لم تقع بعد خلق الإنسان من النطفة؛ لأن بين خلقه منها، وكونه خصيمًا مبينًا أحوالاً، تطوَّر فيها، وتلك الأحوال محذوفة، وتقع المفاجأة بعدها؛ وهي المشار إليها بقوله تعالى:

﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً ثُمَّ أنشأناه خلقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾(المؤمنون:14)

وإنما جيء بالثاني عقِب الأول؛ لأنه الوَصْفُ، الذي آل إليه من التمييز والإدراك، الذي يتأتَّى معه الخصام والجدال.

وقال الرازي:” وقوله:﴿ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾فيه لطيفة غريبة؛ وهي أنه تعالى قال: اختلاف صور أعضائه، مع تشابه أجزاء ما خلق منه، آية ظاهرة، ومع هذا فهنالك ما هو أظهر، وهو نطقه وفهمه؛ وذلك لأن النطفة جسم، فهَبْ أن جاهلاً يقول: إنه استحال وتكوَّن جسمًا آخرَ؛ لكن القوة الناطقة والقوة الفاهمة من أين تقتضيهما النطفة؟ فإبداع النطق والفهم أعجب وأغرب من إبداع الخلق والجسم، وهو إلى إدراك القدرة والاختيار منه أقرب “.

وأضاف الرازي قائلاً:”فقوله:﴿ خَصِيمٌ ﴾.أي: ناطق. وإنما ذكر الخصيم مكان النطق؛ لأنه أعلى أحوال الناطق، فإن الناطق مع نفسه لا يبين كلامه مثل ما يبينه، وهو يتكلم مع غيره. والمتكلم مع غيره، إذا لم يكن خصيمًا لا يبين، ولا يجتهد مثل ما يجتهد، إذا كان كلامه مع خصمه. وقوله:﴿ مُبِينٌ ﴾إشارة إلى قوة عقله. واختار الإبانة؛ لأن العاقل عند الإفهام أعلى درجة منه عند عدمه؛ لأن المبين بان عنده الشيء، ثم أبانه. فقوله تعالى:﴿ مِن نُّطْفَةٍ ﴾إشارة إلى أدنى ما كان عليه، وقوله:﴿ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾إشارة إلى أعلى ما حصل عليه “.

ثانيًا- ثم أخبر تعالى أن هذا الكافر المنكر للبعث والنشور ضرب لربه عز وجل مثلاً من خلقه، لا ينبغي لأحد أن يضربه، قاس فيه قدرة الله جل وعلا على قدرتهم، ونفى الكل على العموم، ونَسِيَ خلْقَ الله تعالى له على الوَجْهِ المذكور، الدالِّ على بطلان ما ضربه من المَثَل، فقال سبحانه:

﴿ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾

وقوله تعالى:﴿ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ﴾معطوف على قوله:﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾. أي: ففاجأ بخصومته.. وضرب لنا مثلاً. أما على قول من قال: إن سياق الوصفين:﴿خَصِيمٌ ﴾، و﴿مُّبِينٌ ﴾ سياق مدح، لا ذمًّ، فيكون حينئذ معطوفًا على الجملة المنفية داخلاً في حيِّز الإنكار.

والمَثَلُ هو الشيءُ يُضرَبُ للشيء مَثَلاً، فيُجْعَل مِثْلَه. أحدهما أصل، والثاني فرع يقاس على الأصل للاعتبار به. وضَرْبُ المثل يعني: جمعُه وتقديرُه؛ وهو من ضَرْب الدرهم، وهو جمعُ فضَّة، وتقديرُها.

ويطلق لفظ المثل، ويراد به: الأصل، الذي يقاس عليه الفرع، ويراد به مجموع القياس. فمن الأول قوله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾(الجمعة:5). فمَثَل الحمار يحمل أسفارًا أصل قيس عليه مَثَل الذين حملوا التوراة.

ومن الثاني قوله تعالى هنا:﴿ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾. فمثَّل الخالق جل وعلا بالمخلوق، في هذا النفي،وقاس قدرته سبحانه على قدرة المخلوق، ونفى الكل على العموم، فجعل هذا مثل هذا، لا يقدر على إحياء العظام.

وقوله تعالى:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾ قرأه زيد بن علي:﴿ وَنَسِيَ خَالِقَهُ ﴾، اسم فاعل. وهو عَطْفٌ إمَّا على قوله:﴿ ضَرَبَ ﴾، داخلٌ في حيِّزِ الإنكارِ والتَّعجيب. أو: هو حالٌ من فاعله، فيكون التقدير: وضرب لنا مثَلاً، ناسيًا خَلْقَ الله تعالى له على الوجه المذكور. أو: ناسيًا خالقه، الذي خلقه من نطفة، على القراءة الثانية.

فلو لم ينسَ هذا الجاحد خلقه، وذكر مبدأ كونه من العدم، لما ضرب المثل. فتحت قوله تعالى:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾- كما قال ابن قيِّم الجوزية- ألطف جواب وأبين دليل. وهذا كما تقول لمن جحدك أن تكون قد أعطيته شيئًا: فلان جحدني الإحسان إليه، ونسي الثياب التي عليه، والمال الذي معه، والدار التي هو فيها؛ حيث لا يمكنه جحْد أن يكون ذلك منك.

وقوله تعالى:﴿ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟ استئناف بياني، وقع جوابًا عن سؤال، نشأ من حكاية ضربه المثل؛ كأنه قيل: ما هذا المثل، الذي ضربه؟ فقال تعالى مُبَيِّنًا لهذا المثل، ومُفَسِّرًا له:﴿ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟

فقوله:﴿ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟ هو المثل المضروب، الذي أخبر تعالى عنه بقوله:﴿ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾، وهو استفهام إنكار، مُتضَمِّن للنفي.

واستفهام الإنكار المتضمِّن للنفي لا يُنْفَى به في القرآن إلا ما ظهر بيانه، أو ادُّعِيَ ظهورُ بيانه، فيكون ضاربه: إما كاملاً في استدلاله وقياسه؛ كقوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾(الزمر: 29 )

وإما جاهلاً بهما؛ كهذا الإنسان، الذي قاس قدرة الخالق جل وعلا بقدرة المخلوق، واستدل به على عجز الله جل وعلا عن إحياء العظام الرميمة.

والعِظامُ جمع: عظم، وهو مذكر؛ ولكن جمعه جمع تكسير. وجمع التكسير يجوز أن يراعى فيه تأنيث الجماعة، وباعتباره قال تعالى:﴿ وَهِيَ ﴾، ولم يقل:﴿ وَهُوَ ﴾. ويجوز أن يراعى فيه معنى الواحد، وباعتباره قالتعالى:﴿ رَمِيم ﴾، ولم يقل: رمائم، أو رميمة.

وتأمل ذلك في قوله تعالى:﴿وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً ﴾(البقرة:259). فقال:﴿ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا ﴾مراعاة لقوله:﴿ العِظَامِ ﴾. ثم قال:﴿ لَحْماً ﴾، ولم يقل:﴿ لُحُوماً ﴾؛ لأن لفظ الواحد قد عُلِمَ أنه يراد به الجمع.

أما الرَّميمُ فهواسم لما بَلِيَ من العظام، وغيرها؛ كالرِّمَّة والرُّفات، ويطلق على الجمع والمفرد، والمذكر والمؤنث؛ لأن أصله مصدر: رَمَّ. يقال:رمَّ العظم يرِمُّ رَمًّا. أي: بَلِيَ، فهو رَمِيمٌ، ورُمَامٌ. ورُمَامٌ مبالغة في رَميم. وفي لسان العرب عن اللحياني: الرَّميمُ ما بقي من نبتِ عامِ أول.وقال تعالى في الريح العقيم:

﴿ مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾(الذاريات:42)

أي:جعلته كالشيء الهالك البالي. قاله ابن مسعود ومجاهد. وقال قتادة: إنه الذي دِيسَ من يابس النبات. وقال أبو العالية والسدي: كالتراب المدقوق. وقال قطرب: الرميم: الرَّمَاد. وقال البغوي: وقيل: أصله من العظم البالي.

و﴿ مَنْ ﴾ في قوله:﴿ مَنْ يُحيِي العِظام ﴾عامة في كل من يسند إليه خبر الإحياء، ويشمل عمومها إنكاره أن يكون الله تعالى محييًا للعظام، مستبعدًا إحياءها. فقاس قدرة الخالق بالمخلوق، ونفى الكل على العموم؛ لأن ذلك ليس في مقدور الخَلْق. واختار العظام للذكر؛ لأنها أبعد ما تكون عن الحياة، لعدم الإحساس فيها، ووصفها بما يقوِّي جانب الاستبعاد من البِلَى والتفتُّت.

وهو- كما قال الشيخ ابن تيمية-: قياسٌ حُذِفت إحدى مقدمتيه لظهورها، والأخرى سالبة كلية، قرن معها دليلها، وهو كون العظام رميمًا. والتقدير: هذه العظام رميم، ولا أحد يحي العظام، وهى رميم، فلا أحد يحييها.

ثالثًا- وبعد أن ضمَّن تعالى قوله من قبلُ:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾ما وفَّى بالجواب، وأقام الحجة، وأزال الشبهة، أجاب سبحانه عن سؤال هذا الجاحد بما يتضمَّن أبلغ الدليل جوابًا شافيًا عن ثبوت ما جحده، زيادة في التأكيد والتقرير، فقال مخاطبًا رسوله عليه الصلاة والسلام:

﴿ قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم ﴾

فقال سبحانه:﴿ قُلْ يُحْييها ﴾، ولم يقل:﴿ يُحْييها ﴾، تبكيتًا له بتذكير ما نسيه من فطرته الدالة على حقيقة الحال، وإرشاده إلى طريقة الاستشهاد بها. وهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب بجواب على طريقة الأسلوب الحكيم بحَمْل استفهام القائل على خلاف مراده؛ لأنه لما قال:

﴿ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟

لم يكن مراده طلبَ تعيين المُحْيِي؛ وإنما كان مراده استبعادَ إحياء العظام، واستحالتَه، فأجيب بجواب من يطلب علمًا؛ فلذلك بُنِيَ الجوابُ على فعل الإِحياء مسندًا للمُحْيِي.

وهذا أشدُّ ما يكون من الحِجَاج، ويسمَّى عند علماء البيان: الاحتجاج النظري، وهو أن يذكر المتكلم معنى يستدلُّ عليه بضروب من المعقول.

وفيه الدلالة على وجوب القياس والاعتبار؛ لأنه ألزمهم قياسَ النشأة الثانية على الأولى. وهو بمجرد تصوُّره، يُعْلَمُ به علمًا يقينًا، لا شُبْهَةَ فيه أن منْ قدر على الإنشاء أولاً من لا شيء، كان على الإحياء أقدر وأقدر، ومن كان الفعل الأصعب عليه سهلاً، فمن الأولى أن يكون الفعل اليسير عليه أسهل. وإليه الإشارة بقوله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(الروم:27)

وتعقيبًا على قوله تعالى:﴿ قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ ﴾قال الألوسي:”وفي ( الحواشي الخفاجية ) كان الفارابي يقول: ودِدْت لو أن أرسطو وقف على القياس الجليِّ في قوله تعالى:﴿ قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ ﴾، وهو الله تعالى أنشأ العظام وأحياها أول مرة. وكلُّ منْ أنشأ شيئًا أولاً قادرٌ على إنشائه وإحيائه ثانيًا؛ فيلزم أن الله عز وجل قادرٌ على إنشائها وإحيائها بقواها ثانيًا “.

فـ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

ولمَّا كان الخلق يستلزم قدرة الخالق على مخلوقه، وعلمه بتفاصيل خلْقه، أتبعَ سبحانه وتعالى ذلك بقوله:﴿ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم ﴾. وهذا أيضًا دليل آخر من صفات الله تعالى، وهو أن علمه تعالى محيط بكل شيء، وإليه الإشارة بقوله تعالى:

﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ (الأنعام : 59 )

وفي ذلك دلالة أن الخالق لا يمكن أن يكون خالقًا إلا إذا كان قادرًا على الخلق، ولا يكون قادرًا على الخلق إلا إذا كان عليمًا بالمخلوقات كلها، محيطًا بجزئياتها وكلياتها في جميع الأحوال، وفي جميع الأوقات.

وفي قوله تعالى:﴿ قُلْ يُحْييها ﴾ إشارة إلى كمال القدرة، وفي قوله:﴿ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم ﴾ إشارة إلى كمال العلم. والقدرة والعلم، إذا اجتمعا، كان من السهل إيجاد ما أُعدِم بعد أن كان موجودًا فأُعدِم. ومنكرو الحشر والنشر، لا ينكرونه إلا لجهلهم بهذين الأصلين.

﴿ وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا*قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا *أََوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ (الإسراء:49-52)

فتبارك من تكلم بهذا الكلام، الذي جمع في نفسه بوجازته وبيانه وفصاحته وصحة برهانه كل ما تلزم الحاجة إليه من تقرير الدليل، وجواب الشبهات، ودحض حجة الملحدين، وإسكات المعاندين بألفاظ، لا أعذب منها عند السمع، ولا أحلى منها ومن معانيها للقلب، ولا أنفع من ثمرتها للعبد، والحمد لله رب العالمين!

بقلم محمد إسماعيل عتوك

أستاذ في اللغة العربية ـ سوريا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://luggage.egyptfree.net
 
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الميدان :: اسلامى :: الاعجاز العلمى فى القرآن والسنة-
انتقل الى: