"محمد" و"اليتيم"
اليتيم هو الشخص الذي فقد أباه أو كلا والديه قبل أن يبلغ الحلم؛ أى قبل البلوغ، أي هو الشخص الذي حرم من العطف والحب والحنان.. ولأن نبينا – صلى الله عليه وسلم – كان من أوائل الذين أحسوا بآلام اليتيم وأحزانه، لذلك فقد كان شديد الحرص والاهتمام باليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته، وضمان الحياة الكريمة له، حتى ينشأ عضواً نافعاً، ولا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع..
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشجعاًعلى رعاية اليتيم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً) رواه البخاري
وجعل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" الإحسان إلى اليتيم علاجاً لقسوة القلب، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجل يشكو قسوة قلبه، فقال له النبي "صلى الله عليه وسلم": ( أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟، ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك) رواه الطبراني
كما بشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه ـ ابتغاء وجه الله ـ بالأجر والثواب الكبير، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من مسح رأس يتيم ـ لم يمسحه إلا لله ـ كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) رواه أحمد.
وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحرص كل الحرص على رعاية مشاعر الأيتام وإدخال السرور عليهم، ففي قصة اختصام أبي لبابة ـ رضي الله عنه ـ ويتيم في نخلة، قضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي لبابة بالنخلة؛ لأن الحق كان معه، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رأى الغلام اليتيم يبكي، قال لأبي لبابة: (أعطه نخلتك، فقال: لا، فقال أعطه إياها ولك عذق في الجنة، فقال: لا، فسمع بذلك ابن الدحداحة فقال لأبي لبابة: أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذه؟، فقال نعم.. ثم جاء رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: النخلة التي سألت لليتيم إن أعطيته ألِي بها عذق في الجنة؟!، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نعم . ثم قُتِل ابن الدحداحة شهيداً يوم أحد، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: رُب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة) رواه البيهقي
وقد مدح النبي نساء قريش لرعايتهن اليتامى، فقال: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على يتيم في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده) رواه أحمد
ولما مات جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ تعهد الرسول أولاده وأخذهم معه إلى بيته، فلما ذكرت أمهم من يتمهم وحاجتهم، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (العيلة (يعني الفقر والحاجة) تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة) رواه أحمد
ثم إن النبي لم يقتصر في اهتمامه باليتيم على التشجيع فقط، بل حذر من الإساءة إلى الأيتام، أو أكل أموالهم بالباطل، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (اجتنبوا السبع الموبقات (المهلكات)، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) رواه البخاري.. فعدَّ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، ومن كبائر الذنوب وعظائم الأمور.
ولخطورة وعظم حق مال اليتيم، منع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من كان ضعيفاً من الصحابة من أن يتولى مال يتيم، فعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم) رواه مسلم
اليتيم في القرآن
"ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ - سورة البقرة
وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيم- سورة النساء
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ - سورة البقرة
وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ - سورة النساء
كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ - سورة الفجر
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ- سورة الضحى
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُور- سورة الإنسان
هؤلاء كانوا أيتاما
نبينا وشفيعنا وخاتم الأنبياء وأشرف الخلق، محمد بن عبدالله ...
الإمام أحمد بن حنبل
الإمام البخاري
الإمام الشافعي
الشاعر أبوالطيب المتنبي
الشاعر حافظ إبراهيم
فهل من شيء أفضل من أن نكون رفقاء النبي في الجنة؟! وهل من منزلة في الآخرة أجمل من ذلك؟! بمجرد لمسة حنان لمن حُرِمَ منها..